الاثنين، 21 مايو 2012

دور التصوف في تأخر المسلمين




بسم الله الرحمن الرحيم
لم ينشأ التصوف في بلاد المسلمين إلا حين دخلت الثقافات الدخيلة إلى ديارهم
فانتشر التصوف حاملا في أعماقه بدعا لم يكن الصحابة رضوان الله عليهم يعلمون
عنها شيئا0 ولكن التصوف نشأ وترعرع ؛ في ظل الهوى والجهل بالدين وإذا ببدع
الطواف حول القبور والدروشة وغيرها تنتشر بين الضعاف فتفسد عليهم دينهم
ودنياهم0 ليخرج معنى التصوف من الزهد إلى الكفر وذلك بتشبيه الله بخلقه
بل والإدعاء بأنه يحل في الأشخاص ( تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا )0
العجيب أن المتصوفين صاروا من الأحباب المقربين عند أعداء المسلمين لماذا؟
لأن الاستعمار الذي جثم بكل ثقله على بلاد المسلمين كان يطير إعجابا
بأناس كل همهم العزلة عن الخلق والدروشة والتوكل على رب العباد دون الأخد
بالأسباب ( وهو مخالف للشريعة لأن الواجب هو التوكل على رب العباد والأخذ بالأسباب )
فكان هؤلاء المتصوفة هدية ثمينة للأعداء لأنهم مخدرون لا يقوون على الحراك ؛
فما كان من المستعمرين إلا أنهم شجعوا التصوف وغرسوا أوتاده في بلاد المسلمين الطاهرة0
أما عن المسلمين أنفسهم ؛ فإن هذا التصوف لم ينشأ بينهم إلا بسبب جهلهم
بالدين وإتباعهم الهوى وتركهم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ فصار الجاهلون
يرتمون في أحضان الدروشة والغياب عن الوعي ظنا منهم أن هذه البدع
قربة إلى الله أو هروب من الواقع الأليم : الذي هو فقر وخصام فيما بينهم
وتسلط من الأعداء عليهم0
وكان من بين هؤلاء المسلمين من تألم من هذا الوضع القاتم فلم ينتقد
هذه التصرفات البدعية ولم يقل إنها ليست من الإسلام بل كل ما فعله هو أنه
أعرض عنهم وسارع للنيل من الإسلام والإعراض عنه0
فكان كل ما يعرفه عن الإسلام هو أنه دين الخرافات والبدع والشعوذات
والكسل والإنهزام وجهل بأن دين الإسلام هو دين العز والكرامة والنصر ونسي أن
يجول  بمشاعره في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة ليعلم كيف
كانوا أقوياء متيقظين ينهى رسولهم وحبيبهم عليه أفضل الصلاة والسلام عن
العجز والخور والإستسلام ويأمر بالتوكل والأخذ بالأسباب ويحض على العمل
والإكتساب وإتقان العمل إلى حد الإبتكار وينهى عن الخرافات والشعوذات0
ومما يدل على هذا قوله عليه الصلاة والسلام للرجل الذي جاء إليه فقال :
يا رسول الله أأعقلها وأتوكل أم أطلقها وأتوكل؟ قال : (( اعقلها وتوكل )) رواه الترمذي
وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام : (( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من
المؤمن الضعيف وفي كل خير ))0
إحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني
فعلت كان كذا وكذا ، ولكن قل : قدر الله ، وما شاء فعل فإن لو
تفتح عمل الشيطان ))0 رواه مسلم0
فهؤلاء الظانون بالإسلام ظن السوء كانوا طعما سائغا للعلمانيين الذين يقيمون
الحياة على غير الدين والشيوعيين الذين يقوم مذهبهم على الإلحاد والمادية
وتفسير التاريخ بصراع الطبقات0
ومن هؤلاء سميح القاسم الذي انتسب مبكرا إلى الشيوعية ولقد صرح في
إحدى الفضائيات العربية والإخبارية أنه علماني وفسر ذلك بقوله :
أي أؤمن بالعلم مستدلا بأنه إذا تعطلت إشارات المرور فإنها لن تصلح إذا دعونا الله
بل بإعادة تصليحها أو توفر شرطي للمرور وهذا نقل مني لمعنى كلامه هداه الله
إلى الصراط المستقيم ومعلوم كما وضحنا سابقا أن التوكل على الله دون الأخذ
بالأسباب هو مذهب المبتدعين كالمتصوفة وغيرهم0
ولم يكتفِ بهذا القول بل قال بأنه ماركسي لأنه لم يجد عقلا أنظف من عقل
( ماركسي ) فتستغرب أشد الإستغراب من الشاعر سميح القاسم الذي يقرأ
سورة الفاتحة على قبر زميله الشاعر محمود درويش ثم بعد ذلك يتبع منهج الملحدين
أمثال ماركس وغيره0 إنها العلمانية والشيوعية بأقبح صورها0 وإن مذهب
التصوف الباطل هو الذي جعل هؤلاء يجاهرون بمذهبهم المعادي للإسلام0
ومن هؤلاء أيضا فدوى طوقان التي نهلت من ثقافة الغرب ودرست الأدب الإنجليزي
بكل ما يصب فيه من مذاهب باطلة وفوق هذا صرحت في كتابها
( رحلة جبلية رحلة صعبة ) أن إحدى قريباتها لجأت إلى التصوف كحل لمشكلتها
وكانت حسب قولها تنهمك في الدروشة حتى تغيب عن الوعي وقد أثرت
هذه التجربة وغيرها من التجارب في حياة فدوى ولعلي لا أكون مخطئا إذا
قلت أن سبب عزوفها عن الدين ويأسها من رحمة الله بل وإعتراضها في
كتاباتها وشعرها على أقدار الله هو تجربة قريبتها تلك بالدرجة الأولى0
ومن هؤلاء نزار قباني الذي صرح أكثر من مرة أنه ماركسي ثوري والذي عرف
خطورة التصوف على وطنه وشعبه وشاهد ترعرع المتصوفة بدروشتهم وغيابهم
عن الوعي واستغاثتهم بأهل القبور - شاهد وترعرع هؤلاء في ظل الإستعمار البغيض
الذي يجب من الشعب أن يعيش في غيبوبة كاملة فكان نزار حربا على هؤلاء
وعلى الدين الإسلامي جهلا منه بأن الإسلام يحارب كل هذه الشركيات والخرافات
وإمعانا من كذلك في السير على خطى الملحدين من الشيوعيين والعلمانيين وخير
شاهد على هذا هو قصيدته ( خبز وحشيش وقمر ) التي أثارت ضجة عندما
نشرها لأول مرة وأختم بذكر سطور من هذه القصيدة ليعلم القارىء الكريم
كيف ساهم التصوف بتأخر المسلمين وتأخر خروج المستعمرين من بلادهم وكراهية
ضعاف الإيمان للإسلام بسببهم وتجرؤ الشيوعيين على الإسلام والمسلمين :

ما الذي يفعله فينا القمر؟
فتضيع الكبرياء
ونعيش لنستجدي السماء
ما الذي عند السماء؟
لكسالى ضعفاء
يستحيلون إلى موتى إذا عاش القمر
ويهزون قبور الأولياء
علقها ترزقهم رزا وأطفالا قبور الأولياء
ويمدون السجاجيد إلا ينقات الطرر
ويتسللون بأفيون تسميه قدر
وقضاء
في بلادي 00 في بلاد البسطاء
أي ضعف وإنحلال
يتولانا إذا الضوء تدفق
فالسجاجيد 00 وآلاف السلال
وقداح الشاي والأطفال تحتل التلال0

فانظروا كيف يسمي هذا الشاعر القضاء والقدر بالأفيون0
ويعد الإيمان به تسليا بالأفيون وإنني لأعتذر لإخواني القراء
بسبب إيرادي لسطور من هذه القصيدة رغم ما فيها من عبارات كفرية
ولكن عذري هو أنني أريد أن يعرف القاصي والداني حجم مصيبتنا
بإنغراس التصوف في عروقنا والله من وراء القصد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق