الأحد، 20 مايو 2012

فقر لا يزعج الفقراء


تنتابني حالة من الجمود وأنا أقرأ لبعض الكتاب الذين يكثرون من المقالات التي تصف حال المواطن الأردني بالضيق المادي الشديد
ذلك أن مشكلة أي مواطن في العالم لا تتلخص بسهولة كهذه وبكلمات قليلة هي الفقر فتلخيص المشكلة بحذف جميع أسبابها
والاتكاء على سبب واحد\ قد لا يكون سبباً بل هو نتيجة \لا يحل المشكلة بل يزيدها تفاقماً لأن يصرف عن تأمل الأسباب الحقيقية
وعلاجها مما يؤدي الى رسوخها في المجتمع وصعوبة علاجها
ولقد عانى النبي صلى الله عليه وسلم من الفقر وغيره من الابتلاءات فما زاده ذلك الا صبراً وايماناً ورضى بما قسم الله عز وجل
وقدره ولكن الكتاب الذين يثيرون مشكلة الفقر انما يثيرونها ليضربوا بكل ما أوتوا من قوة في قلب الفساد
وأين القوة في طرح هذه المشكلة؟
أهي في القول لهم : أنظروا الى آثار افسادكم : هذا الفقر المضني
ولكن السؤال الذي يظهر جلياً على شاشة الواقع هو : هل الفقر أثر من الآثارأم أنه يقف شامخاً ليكون هو الأثر الوحيد ؟
ان الذي يستحق أن يكون الأثر الوحيد هو عدم استجابة الدعاء من العبد اذا دعا لأنه دليل على أن الله غير راض عنا
ومن الآثار كذلك : شيوع القطيعة والعداوات والمشاجرات والأحقاد
ومن الآثار كذلك الحياة النكدة والآلام النفسية التي تحدث للفقير وللغني اذا أعرضا عن ذكر الله
وكل هذا آثار للبعد عن الله والافساد في الأرض
أيها الكتاب :
مسؤوليتكم عظيمة جداً وهي أن توضحوا للناس الأسباب الحقيقية لما نحن فيه من الذل وضيق العيش المادي والنفسي
وكل هذا يهون لو أننا علمنا أن الله عز وجل راض علينا
فرق بين أن يبتلينا الله عز وجل بالعذاب والخوف والجوع ليرفع درجتنا في جنته وبين أن تكون هذه المصائب عقوبة لنا ينتقم الله بها منا لبعدنا عنه
قال الله تبارك وتعالى : ((فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا
وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ))
وكما قال المفسرون قوله تبارك وتعالى : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) أي : ومن يتق الله فيما أمره به ، وترك ما نهاه عنه يجعل له من أمره مخرجا ، ويرزقه من حيث لا يحتسب ، أي : من جهة لا تخطر بباله . )
مخرج من الكرب وسعة في الرزق كل هذا للأتقياء
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَبْغُونِي الضُّعَفَاءَ؛ فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ "
(ابغوني) أي: اطلبوا لي، فالضعفاء المنشغلون بطاعة الله البعيدون عن معصيته هم الذين ينصرهم الله ويرزقهم
وينصر ويرزق بهم
والى أن ينهض المجتمع لتنمية الوازع الديني بالتوبة من السرقة والرشوة والفاحشة والتبرج وغيرها من المهلكات
فان الفقر سيظل أثراً من الآثار التي تنذر بالخسران في الحياة الآخرة الأبقى يوم نعرض على ربنا سبحانه وتعالى
مع ما نعانيه في هذه الحياة الدنيا
وأختم بقول الله تبارك وتعالى
( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ( 41 ) قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين ( 42 ) ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق