الثلاثاء، 22 مايو 2012

كيف يكون القلق على الدعوة السلفية مثمرا؟


 كيف يكون القلق على الدعوة السلفية مثمرا



كيف يكون القلق على الدعوة السلفية مثمرا؟
عندما نتحدث عن الدعوة السلفية فإننا لا نتحدث عنها في بلد ما ونغفل
عن البلدان الأخرى ونحن كذلك لا نتحدث ونحن يائسون مخذولون ،
فهذه الدعوة الممتدة الجذور في صميم الأوطان والقلوب ، والمتشبثة
بسنة المحبوب صلى الله عليه وسلم ، تترسخ أزهارها - ولا يليق بها غير
ذلك - في كل أرض خصبة تتقبل غراس الخير0
ونحمد الله عز وجل على أننا متفائلون - حتى ونحن نشاهد بعض الأخطاء
من المنتسبين إلى هذا المنهج السامي - وكيف لا ونحن نحمل العقيدة التي
لا تتزعزع ، والإتباع لنبينا صلى الله عليه وسلم الذي يحمينا من البدع ، فما
علينا إذا إلا أن نزداد تمسكا بهذا المنهج الذي يقودنا إن تمسكنا به إلى أن
نشرب شربة من حوض نبينا صلى الله عليه وسلم لا نظمأ بعدها أبدا0
وهذه المقالات التي تكتب ، والأراء التي يفصح عنها بكل حرية وطلاقة
ليس المقصود منها تحطيم السلفيين ، أو الإدعاء بأن حالهم لن يصلح
أبدا ، بل هي إشارة واضحة إلى أنهم على خير وصلاح ولذلك استحقوا
أن يُقلق عليهم خشية أن تذهب بعض أخطائهم بخيرهم فحين ترى شجرة
وتعجب بجمالها فإنك تضطر ألى أن تحضر المقص لتقص تلك العروق
الضعيفة التي تأخذ من قوتها وحيويتها0 هذه الصورة طبيعية ولا غبار
عليها ، ولكن الصورة التي تمتلىء بالغبار هي صورة شخص آخر
يقتلع هذه الشجرة من جذورها متجنيا عليها ومانعا لها من نفع
الآخرين لأنه رأى بعض العروق الضعيفة عليها0
أريد من اخواننا جميعا أن يشجعوا تلك العروق القوية في السلفيين
وأن يقنعوهم - بمزيد من الحلم والرأفة - بأن يتغلبوا على عروقهم الضعيفة0
ولنبدأ بالتعصب الذي يحتاج إلى ايضاح بسيط قبل الحديث عنه ؛ فإذا كان
معنى التعصب أن يتمسك المرء بقول واحد فإن ذلك يكون في الأصول وليس
في الفروع0
الأصول مثل : اتباع النبي صلى الله عليه وسلم ، ومحبة الصحابة والترضي
عنهم وعدم الخوض فيما شجر بينهم ورد ذلك إلى الله سبحانه وتعالى وعدم
تقديم قول أحد مهما بلغ من العلم على قول النبي صلى الله عليه وسلم 
وغيرها من الأصول التي اتفق عليها أهل السلف ؛ فيجب الثبات عليها
وعدم مخالفتها0 
أما الفروع فهي مسائل الفقه وقد قلنا : لا يضرك أيها المنتسب إلى
مذهب أهل السنة والجماعة إذا كنت شافعيا أو حنبليا أو مالكيا أو
حنفيا فكل هؤلاء العلماء الأفذاذ على مذهب أهل السنة والجماعة
ولكن احذر أن تفرض الحكم الشرعي الذي اتخذته لنفسك على أحد
من المسلمين ؛ وهكذا لن يكون هناك تعصب ممقوت وستختفي النزاعات0
أما علماء السلف فإنني ما وجدت عالما سلفيا متعمقا في الكتاب والسنة إلا
ويمقت التعصب ويحث طلاب العلم بل العامة على ترك التعصب والتحلي
بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في أدب الكلام والنصح0 إلا ما كان من
بعض طلاب العلم الذين التزموا بهذا الأدب العظيم ولكنهم وجدوا الناس
قد ضاقوا ذرعا باختلاف العلماء فصار طلاب العلم هؤلاء يقولون للناس
مذهبا واحدا ويفهمونهم أنه هو المذهب الوحيد فلا مذهب غيره وهذا هو
الذي أحدث بلبلة بين العوام وغيرهم وإلا فما يضر طالب العلم لو أنه ذكر
مذاهب العلماء ثم بعد ذلك رجح المذهب الذي اختاره دون أن يفرض على
الناس هذا المذهب إلا إذا كان إماما في مسجد من المساجد فإنه يصلي
بالناس على مذهبه وعلى الناس أن يتبعوه وإن خالف مذهبهم0
وهذا ينطبق على جميع المسائل المتعلقة بالصلاة وبالمسجد وينطبق
كذلك على مسألة الجمع في الشتاء0 فمن العلماء من قال بأن الجمع
في الشتاء سنة ورخصة فلا حرج من الجمع بالطريقة التي يجمع بها أئمة
المساجد في زماننا ومنهم من اشترط نزول المطر حين الجمع ومنهم من
لم يشترط بل يكفي عندهم حصول الحرج من برد أو ريح عاصف أو غيره0
ومن العلماء من قال بعدم جواز الجمع لأن الجمع الثابت عندهم جمع صوري
فيتمثل بتأخير الظهر إلى آخر وقتها وبتقديم العصر إلى أول وقتها وكذلك في
المغرب والعشاء0 وهذه الأقوال كلها محتملة ، ولا حرج من اتباع أحدها ،
فإذا كان مذهب الإمام الجمع فلا يجوز أن يعترض عليه أحد ممن لا يرون
جواز الجمع فكذلك لا يجوز لأحد من الناس أن يعترض عليه فإلامام يوقر
ومن يسيء التصرف مع إمام مسجده آثم واثمه يتضاعف بقدر ما يحدث من
بلبلة في بيت الله تعالى0
أما المسألة الثانية التي تحتاج إلى توضيح فهي التصفية والتربية ، ورحم الله
شيخنا الألباني الذي استمر في إنارة الطريق حتى آخر أيام حياته0 ولا أدري
لماذا يجزم بعض الإخوة أننا حققنا التصفية ولم يبق علينا إلا أن نحقق التربية؟!
إن ما يؤرقني حقا هو أن التصفية تحتوي على التربية فإن لم نكن قد حققنا
التربية فمعنى ذلك أننا لم نحقق التصفية بالشكل المطلوب ؛ فالتصفية و
التربية في رأيي - متداخلتان0 أما العلماء فهم موجودون في حياتنا نستفيد
منهم وهم يقومون بالنصح والإرشاد هذا هو واجبهم ، أما الهداية فإن الله عز
وجل هو الهادي إلى سواء السبيل0
والمسألة الثالثة هي عصبية المزاج وهي التي تختلف عن التعصب لمذهب
ما فقد تقترن بالتعصب وقد تنفك عنه ولكنها ليست من هدي الحبيب
صلى الله عليه وسلم الذي أمرنا بعدم الغضب بسبب ما يجره على المجتمع
الإسلامي من مفاسد0 ولعل المبرر لهذا الغضب عند بعض إخواننا هو نصرة
الحق الذي يعتنقونه ولكنه على الرغم من أهميته ليس عذرا بل لا بد أن يتسع
الصدر للمخالف0 وأن تكون النية هدايته لا قمعه وتحطيمه0 إن ضبط النفس -
حتى أمام مبتدع يريد أن يزين بدعته - يمكن المدافع عن السنة من تجميع
أفكاره النيرة واقناع سليمي الصدور بها0
إن نصح إخواننا وخاصة الدعاة منهم لا يجوز أن يتصف بالقسوة فإنك
تحذرهم من خطئهم هذا دون أن تنتقص منهم أو تجعل ذلك الخطأ وصمة
عار لا يستطيعون الفكاك منها ، فإن خطأ واحدا لا يهدم جهدا عظيما قام
به داعيه0 وكم من عالم أو داعية أو مصلح أخطأ فلما وجد النصح المتزن
رجع عن خطئه وبين وأصلح0 والرجوع إلى الحق فضيلة0 ثم إنه يجب أن
تظل صورة العلماء والدعاة والمصلحين مزينة ومعطرة بالهيبة والوقار فبدلا 
من أن ننتقدهم على الملأ ، ونجرىء محبي الفتن عليهم0 لماذا لا نقوم 
بنصحهم على انفراد برفق ولين كي لا نحصد ثمار فتنة نكون أول من
أشعل نيرانها0 وإن كل من تعرض للهجوم الكاسح بسبب فكره لم 
يستطع أن يوضحها ليبرىء نفسه أو خطأ اعترض طريقه العلمي والدعوي
فأخرج ظلما وزورا من أن يكون من أتباع التبي صلى الله عليه وسلم
فإنه يكفيه أن الله تبارك وتعالى يعلم حسن نيته ، فإن كان على صواب
فليثبت أما إن كان على خطأ فليرجع عنه ولا يحملنه انتقاد إخوانه و
قسوتهم على أن يستمر على خطئه0
هذا وللحديث في جعبتي بقية00 وكلي حب للدعوة السلفية وللسلفيين0

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق